سورة إبراهيم - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


قوله تعالى: {ولا تحسبَنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون} قال ابن عباس: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم.
قوله تعالى: {إِنما يؤخِّرهم} وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو رزين، وقتادة: {نؤخِّرهم} بالنون، أي: يؤخر جزاءهم {ليوم تشخص فيه الأبصار} أي: تشخص أبصار الخلائق لظهور الأحوال فلا تغتمض. قوله تعالى: {مهطعين} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أن الإِهطاع: النظر من غير أن يَطْرِف الناظر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، وأبو الضُّحى.
والثاني: أنه الإِسراع، قاله الحسن، وسعيد بن جُبير، وقتادة، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: يقال: أهطع البعير في سيره، واستهطع: إِذا أسرع.
وفي ما أسرعوا إِليه قولان. أحدهما: إِلى الداعي، قاله قتادة. والثاني: إِلى النار، قاله مقاتل.
والثالث: أن المُهطع: الذي لا يرفع رأسه، قاله ابن زيد. وفي قوله: {مقنعي رؤوسهم} قولان:
أحدهما: رافعي رؤوسهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبو عبيدة، وأنشد أبو عبيدة:
أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وأَقْنَعَا *** كَأَنَمَّا أَبْصَرَ شَيْئَاً أَطْمَعَا
وقال ابن قتيبة: المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرْفه على ما بين يديه. وقال الزجاج: رافعي رؤوسهم، ملتصقة بأعناقهم. {ومهطعين مقنعي رؤوسهم} نصبٌ على الحال، المعنى: ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين.
والثاني: ناكسي رؤوسِهم، حكاه الماوردي عن المؤرِّج.
قوله تعالى: {لا يرتدُّ إِليهم طرفهم} أي: لا ترجع إِليهم أبصارهم من شدة النظر، فهي شاخصة. قال ابن قتيبة: والمعنى: أن نظرهم إِلى شيء واحد. قال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إِلى السماء، لا ينظر أحد إِلى أحد.
قوله تعالى: {وأفئدتهم هواءٌ} الأفئدة: مساكن القلوب. وفي معنى الكلام أربعة أقوال:
أحدها: أن القلوب خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال قتادة: خرجت من صدورهم فنَشِبَت في حلوقهم، فأفئدتهم هواءٌ ليس فيها شيء.
والثاني: وأفئدتهم ليس فيها شيء من الخير، فهي كالخِرْبة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: وأفئدتهم مُنخرِقة لا تعي شيئاً، قاله مُرَّة بن شراحيل. وقال الزجاج: متخرِّقة لا تعي شيئاً من الخوف.
والرابع: وأفئدتهم جُوْف لا عقول لها، قاله أبو عبيدة، وأنشد لحسَّان:
أَلاَ أَبْلِغْ أُبَا سُفْيَانَ عَنِّي *** فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
فعلى هذا يكون المعنى: أن قلوبهم خلت عن العقول، لمِا رأوا من الهول. والعرب تسمي كلَّ أجوَفَ خاوٍ: هواءً. قال ابن قتيبة: ويقال: أفئدتهم منخوبة من الخوف والجُبْن.


قوله تعالى: {وأنذر الناس} أي: خوِّفهم {يوم يأتيهم العذاب} يعني به: يوم القيامة؛ وإِنما خصه بذِكر العذاب، وإِن كان فيه ثواب، لأن الكلام خرج مخرج التهديد للعُصاة، قال ابن عباس: يريد بالناس هاهنا: أهل مكة.
قوله تعالى: {فيقول الذين ظلموا} أي: أشركوا {ربنا أخِّرنا إِلى أجل قريب} أي: أمهلنا مُدَّة يسيرة. وقال مقاتل: سألوا الرجوع إِلى الدنيا، لأن الخروج من الدنيا قريب. {نُجِبْ دعوتك} يعني: التوحيد، فيقال لهم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبلُ} أي: حلفتم في الدنيا أنكم لا تُبعَثُون ولا تنتقلون من الدنيا إِلى الآخرة.


قوله تعالى: {وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم} أي: نزلتم في أماكنهم وقُراهم، كالحِجر ومَدين، والقُرى التي عُذِّب أهلها. ومعنى {ظلموا أنفسهم} أي: ضرُّوها بالكفر والمعصية. {وتَبَيَّن لكم} وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو المتوكل الناجي {وتُبُيِّن} بضم التاء. {كيف فعلنا بهم} يعني: كيف عذَّبناهم، يقول: فكان ينبغي لكم أن تنزجروا عن المخالفة اعتباراً بمساكنهم بعدما علمتم فِعلنا بهم، {وضربنا لكم الأمثال} قال ابن عباس: يريد الأمثال التي في القرآن.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9