قوله تعالى: {ولا تحسبَنَّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون} قال ابن عباس: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم.قوله تعالى: {إِنما يؤخِّرهم} وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمي، وأبو رزين، وقتادة: {نؤخِّرهم} بالنون، أي: يؤخر جزاءهم {ليوم تشخص فيه الأبصار} أي: تشخص أبصار الخلائق لظهور الأحوال فلا تغتمض. قوله تعالى: {مهطعين} فيه ثلاثة أقوال.أحدها: أن الإِهطاع: النظر من غير أن يَطْرِف الناظر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، وأبو الضُّحى.والثاني: أنه الإِسراع، قاله الحسن، وسعيد بن جُبير، وقتادة، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: يقال: أهطع البعير في سيره، واستهطع: إِذا أسرع.وفي ما أسرعوا إِليه قولان. أحدهما: إِلى الداعي، قاله قتادة. والثاني: إِلى النار، قاله مقاتل.والثالث: أن المُهطع: الذي لا يرفع رأسه، قاله ابن زيد. وفي قوله: {مقنعي رؤوسهم} قولان:أحدهما: رافعي رؤوسهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبو عبيدة، وأنشد أبو عبيدة:أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وأَقْنَعَا *** كَأَنَمَّا أَبْصَرَ شَيْئَاً أَطْمَعَاوقال ابن قتيبة: المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرْفه على ما بين يديه. وقال الزجاج: رافعي رؤوسهم، ملتصقة بأعناقهم. {ومهطعين مقنعي رؤوسهم} نصبٌ على الحال، المعنى: ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين.والثاني: ناكسي رؤوسِهم، حكاه الماوردي عن المؤرِّج.قوله تعالى: {لا يرتدُّ إِليهم طرفهم} أي: لا ترجع إِليهم أبصارهم من شدة النظر، فهي شاخصة. قال ابن قتيبة: والمعنى: أن نظرهم إِلى شيء واحد. قال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إِلى السماء، لا ينظر أحد إِلى أحد.قوله تعالى: {وأفئدتهم هواءٌ} الأفئدة: مساكن القلوب. وفي معنى الكلام أربعة أقوال:أحدها: أن القلوب خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال قتادة: خرجت من صدورهم فنَشِبَت في حلوقهم، فأفئدتهم هواءٌ ليس فيها شيء.والثاني: وأفئدتهم ليس فيها شيء من الخير، فهي كالخِرْبة، رواه العوفي عن ابن عباس.والثالث: وأفئدتهم مُنخرِقة لا تعي شيئاً، قاله مُرَّة بن شراحيل. وقال الزجاج: متخرِّقة لا تعي شيئاً من الخوف.والرابع: وأفئدتهم جُوْف لا عقول لها، قاله أبو عبيدة، وأنشد لحسَّان:أَلاَ أَبْلِغْ أُبَا سُفْيَانَ عَنِّي *** فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُفعلى هذا يكون المعنى: أن قلوبهم خلت عن العقول، لمِا رأوا من الهول. والعرب تسمي كلَّ أجوَفَ خاوٍ: هواءً. قال ابن قتيبة: ويقال: أفئدتهم منخوبة من الخوف والجُبْن.